هُـنَــا ! تَـرْحِـيبٌ بِـكَ مِـنَ الـقَـلْبِ ,, وَ رِسَـالَـةٌ لَـكَ مِـنَ اللُّـبِّ !!


هُـنَــا ! تَـرْحِـيبٌ بِـكَ مِـنَ الـقَـلْبِ ,, وَ رِسَـالَـةٌ لَـكَ مِـنَ اللُّـبِّ !!

طَـيَّـاتُ تَـدْوِينَـاآتِـي بِـوِرَيْـقَـاتِـها وَ أَقْـسَامِـهَا ،، قَـدْ أَشْـرَعَـتْ بَـابَهَـا مُـرِّحِبَـةً بـقـدُومِ ضَـيْفٍ مِـعْطَاءٍ عَـلَـيْهَا ..

أَهْـلَاً وَ سَـهْلَاً وَ مَـرْحَـبَاً بِـكَ يَـا شَـمْسَـنَـا السَّـاطِـعَة ،،فِـي سَـمَـاءِ ]| تَـدْوِيــنَـاتُ نُـوْحِــيَّـة ʚϊɞ ~ المُـتَوَاضِـعَة ..

مُـلْآحظتـآن :

1 ~ كُـلُّ مُحْـتَوَى بِـهِ هَـذَا الرَّمْـز : * " نَـجْمَة " تَـعْنِـي أَنَّـهُ مَـنْقُـولٌ فَـقطْ لِـ تَـسْتَكِـينَعَـلَيْه أَعْـيُنكُم و يَـرْسَخَ فِـي جَوهَـرِكُم وَ تَسْتَـفِـيدُوا بِـهِ فِـي حَـيَاتِكُم ! بَـيْـنَمـا الخَالِـي مِـنْه تَـعْنِي أَنَّـهُ بِـ يِـرَاعِـي الحُـرِّ !!

" ~ 2 حُـرُوفُكُـمْ + كَـلِـمَاتِكُـمْ + انْـتِـقَادَاتِكُـم الـبَـنَّـاءَة " تُـحَفِّـزُنَـا لِـ تَقْـدِيـمِ المَـزِيـدِ مِـنَ الرُّقِـيِّ وَ الـتَّـقَــدُّم !

أَنَـرْتُـمُ مُـدَوِّنَـتِي بِـ وِجُودِكُـم ^^" دُمْـتُـم - مَـعِـي - هُـنَـآ ..

04 أبريل 2011

شَـهِيـدُ الـوَطَـنِ !



شُعورٌ في الكيان و إحساسٌ في الوجدان ، و ليس بسلعةٍ يُباع و يُشتَرى . و أحسنُ سِمةٍ يتحلَّى بها الإنسان ، و أفضلُ شيمةٍ ينطوي عليها الجنان . هو واجبٌ مقدسٌ ينمو في قلبٍ مُتربٍّ ، رَبّتهُ أمه عليه ، هو  "حُبُّ الوَطَن و الانتماء إليه ". فحب الأوطان فوق كل سلطان ، لا ينمسح أثره عن صفحات الجنان ، فكم بيعت في سبيله النفوس بيع السماح ، و كم رخصت دونه و كم غلت أرواح. فمن جعل نصب عينيه محبة وطنه ، و الإصرار و الكفاح على خدمته ، فقد رفع عماد دولته ، و شيّد ركن دولته..


" أنا ابن هذه الأرض ، و لابد من يوم أعود لاحتضنها و تحتضنني في ترابها الطاهر"..
استرجعت الأم شريط ذكرياتها مع ولدها ، و تذكرت هذه المقولة التي كان غالباً ما يقولها على مسامعها ، فهو اليوم قد اتخذ قراراً حاسماً ، و هو بأن يذهب لساحة الحرب و القتال ليدافع و يحامي عن وطنه النفيس الذي مدَّ ذراعيه لاحتضانه في حنان طوال هذه السنين ، و قد جاء هذا اليوم الذي كان يترقبه بلهفةٍ كبيرة و بشوقٍ أكبر ؛ ليرد هذا الجميل المغدق و الوافر..

ذهب "حيدر" إلي غرفته ، ليستبدل هندامه بلباس القتال ، مدَّ يده ليأخذها ، لكنه رأى ورقةً عليها. تمعّن فيها ، فتبين له أنها رسالةٌ من ابنته الوحيدة ، تقول فيها:-

" من فتاةٍ لا تملك من خبرة الحياة إلا القليل..
من ابنةٍ أعجز الشجن لسانها عن النطق..
أبوح لك يا أبي ما بداخلي من خُلجات أحملها مع نسيم الوداع..
تعْبَق بالياسمين عرفاناً مني لما بذلته من أجلي و في سبيل إسعادي..
وفي هذا اليوم بالذات و في هذه الساعة..
أقف صاغرةً أمام عطاءك اللامتناهي ..
لأن كلمات الشكر و حروف الإطراء لا تكفي بـ حقك!!
أبي,,أيها المناضل !
لمستُ فيك حبك لبلدك ..
وها أنت أنت تفديه بروحك الباقية..
و هو الجود الذي ما بعده جود..
وقد آثرت ذلك على المال و النقود الفانية..
ولكني  أعلم لماذا ؟!
لأنك تذوب في عشق هذا الوطن الذي احتضنك..
و آواك بين طبيعةٍ خلابة مزدانة بأنواع الخيرات و الثمار..
وأشكال الزهور و الأشجار..
و ألوان السماء في الليل و النهار..
أبي,,
كلماتك الحانية..نبرتك اللطيفة..
ثغرك الباسم..طلّتك البهية
نصائحك الصادقة..
سأفتقدها كلها بعد غيابك..
وآمل أمل الآملين برجوعك لنا سالــــماً !
دُمتَ أباً لي..

ثمرة أبيها المكافح:
طاهرة ~  "

أهدابه مبتلةٌ بالدموع و تخط دهاليزها على وجنتيه ، تأثّر كثيراً مما قرأه من قلم ابنته ، فـحضن الورقة بين كفيه و قبّلها بـ ودٍ و إعجاب !

جهّزت أمه كل شيء ؛ لأن دقائق الوداع قد جاءت مع الزمن الذي يفرِّق بين الأحباء . نزل من الطابق العلوي بعدما لبس ثياب القتال. و قد كانت ابنته مع جدتها تنتظرانه ، ليسلما عليه و يودعونه..

أقبلت الأم و قالت لابنها ، و القلق راسمٌ تجاعيده ع وجهها العطوف ، و الحزن قد أخذ منها كل مأخذ  و قالت: ولدي! يا فلذة كبدي ! ، لقد ربيتك صغيراً بين أكنافي على محبة و عشق وطنك المجيد. وعقّبت: فامضِ إلي خدمته و الدفاع عنه  بكل شجاعة و قوة لديك كما علّمتك ،و ارفع رأسي عالياً..
قالت هذا و هو ع حجر والدته الذي كان يشكو و يتذمر عليه تارة ً ، و يتمتع بحنان أمه فيه تارةً أخرى .. ردّ عليها: أماه ، كم عانيتِ و كم تعبتِ و كم سهرتِ ع راحتي إبان مرضي و سقمي ! ، و أنا لا أملك الآن إلا نفسي لأقدمها إلي وطني الغالي ، كما أمرتِ ، لكي يرضى عني ربي ، و أوفي عهدي لكِ يا أمي التي قطعته على نفسي ..و لا تنسي أنكِ سر حياتي و منبعها ، و لولاكِ لما كنتُ حيّاً أو موجود هنا في الدنيا !
وأردف : و أيضاَ لا تنسيني من صالح و أخلص دعواتكِ يا أمي الحبيبة و يا تاج رأسي !

وضمّ رأسها بيديه و قبّل جبينها الطاهر .. وكانت تسمع لولدها بإصغاءٍ ، فهو سيرحل الآن و هي ما زالت مستمرة في بكائها و نحيبها ، فعلّقت :"لا ، وكررتها مرة أخرى: لا لا وكيف لي أن أنسى ولدي الذي أنجبته من أحشائي ؟!" وعادت تبكي ، فهدّأها ابنها مواسياً : " لا تقلقي يا والدتي ، فإنني في حفظ الله و رعايته و تذكري أنني إذا مُت  سأدفن بين ذرات وطني عزيزاً لستُ غريباً ، فهي ستحتضنني "..

بهذه الكلمات المواسية و البسيطة ، أكمل حديثه مع أمه . واقترب من ابنته التي سرعان ما لاذت  إلى حضن والدها و شرعت بالبكاء ، و لم تتكلم ببنت شفتها ، و إنما اكتفت بإشباع ناظريها بصورة والدها الذي سيفارقها بعد دقائق وجيزة . قال " بُنيتي  ! أوصيكِ بـ 3 وصايا ، أولها علاقتك بربك"الصلاة" ، وبعدها جدتك ، و آخراً: دراستكِ ، فأرجو أن لا تفرطي فيها مهما كانت الظروف أو الأسباب " فأومأت برأسها إيجاباً ، و هو أخذ يقرأ معاني عينيها ، فاطمأن قلبه ، فقبّل جبينها كما فعل مع أمه..لوّح لهما بيده قائلاً: " إلى اللقاء ، في أمان الله ، الله الله في الاعتناء ببعضكما" فردت الجدة :
لا توصي حريصاً ، فقط اهتم بنفسك و ارجع لنا سالماً غانماً يا بني !" .. و ودعته بنظرة عميقة ، طُبعت في ذاكرتها ، إلى أن راح يمشي  حتى تجاوز الباب ثم تهادى و تهادى إلى أن اختفى !

هكذا كان الوداع ، و لم يكونا يعلمان أنه الوداع الأخير . فمرّ اليوم تلو اليوم الآخر في صراعات الحرب و القتال.
حتى جاء ذلك اليوم ، يوم انتقال روح "حيدر" إلى جوار ربها..
كانت البنت تشاهد التلفاز ، بينما جدتها تُعدّ طعام الغذاء ، جاء مُرسل من جهات معينة ، يحمل نبأ استشهاده ، و في لحظة وصول الخبر إلى آذانهما ، أخذت الجدة تترنح في مشيتها !، فأمسكتها طاهرة و أسندتها  إلى الكرسي ، و جلبت لها بعضاً من الماء وهي غير مستوعبة الأمر وقالت لجدتها: " اهدئي يا جدتي و اشربي هذا الكأس " و قد أجهشت هي أيضاً بالبكاء من فرط  الأسى. فقالت الجدة بصوتٍ حزين بعد الانتهاء من شربها للماء:" إنا لله و إنا إليه راجعون لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ".ورددتها طاهرة وراءها: " إنا لله و إنا إليه راجعون لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم ".فكلتاهما في بحرٍ أمواجه متلاطمة من الحيرة و الأسى والحزن.

وفي أثناء زيارتهما لقبر حيدر ، فور رؤية أبيها تهالكت عليه ملهوفة للقياه ، و لرؤية عينيه الحانيتين ،لكن ماذا تفعل؟! فهذا هو القدر ! ، فتبكي و تنعى أبيها ، وتنعى نفسها لتيتمها في الصغر ، و عندما هدأت قليلاً قالت: " أبي , أنتَ شهيدة هذا الحرب و شهيد وطنك ، بذلت دمك و روحك في سبيل الله و الوطن ، بعتَ الدنيا الدنيّة وملذاتها ، وضحّيت بعطاءٍ مغدق من أجل هذه الأرض الحبية و لمحوِ غبار الجور و الاستبداد ـ على وطننا ـ من صفحات تاريخنا ، ليزهو بالعزّة و الكرامة و الحرية". و تابعت عنها الجدة: " ـ طريق الوفاء و العرفان و الإخلاص ـ هو الطريق الذي رسمه ولدي "حيدر" الشهيد بعشقه و ولائه لوطنه و سار عليه بعد أن عبَّدهُ بكريات و خلايا دمه الحمراء الطاهرة و الزكية ، فليرحمك الله يا ولدي و لتتغمد روحك في رياض ربك في أوسع الجنان"..و أضافت طاهرة بجرأةٍ وثبات: كل خلية في جسدي تنطق و تهتف لك بالامتنان و الشكر و كل نبضةٍ  تدق داخل هذه العضلة بين أضلعي تنحني لك إجلالاً و إكراماً ، لأن الحروف وقفت في حلقي ، كما اللسان وقفَ عاجزاً عن الإفصاح بما أحسُّ بالفخر و الاعتزاز تجاهك يا والدي ، فليرحمك ربي ، يا شهيد  الوطن"..

تمّت بحمدالله و عونه..
^ـ^ ~

ملاحظة للأمانة :بعض جمل المقدمة مقتبسة من كتاب"التعبير المدرسي" للمؤلف (عبداللطيف السعيد) صـ160ـ و جملة من الرسالة.. 

حُرر في: الرابع من أبريل 2011م..
هي عبارة عن قصة قصيرة..
بس المعلمة تقول إنها بمثابة رواية مصغّرة !


r

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق